تعد مدينة مراكش من أشهر المدن تجارية شعبية يتمركز فيها أكبر عدد
من الباعة المتجولين أو ما يعرف ب «الفراشة»، وأغلبهم عاطلون عن
العمل ويتكونون من شباب ونساء فضلا عن أطفال تركوا دراستهم
واتجهوا إلى البيع في الطرقات، فتجارة «الفراشة» أو الرصيف ظاهرة
انتشرت بشكل مثير للانتباه خلال السنوات الأخيرة نظرا لاستفحال
البطالة وقلة فرص الشغل ناهيك عن الظروف المعيشية السيئة التي تدفع
بالباعة إلى ممارسة هذا النشاط.وفيما يخص الباعة المتجولين ، فإنهم
يبدأون بعرض سلعتهم ابتداء من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة
الحادي عشر ليلا وذلك خلافا عن ايام الاعياد التي يستمر فيهاالعمل
لساعات اكثروتكون التجارة على أشدها لوجود ملابس الأطفال والنساء،
المواد الغذائية، أدوات الطهي والتجهيزات المنزلية إلى غير ذلك من
المستلزمات، والأثمنة تتناسب وقدرات الطبقتين المتوسطة والفقيرة.
فتجار «الفراشات» يجذبون الزبون بصراخهم بأعلى صوت ويحمل
منغمة بثمن البضاعة وهو ما ينتج عنه تهديد راحة السكان فأصوات
الباعة تعتبر مصدرا من مصادر الإزعاج لديهم، كما يعانون أيضا من
الأزبال التي يتركها الباعة في المساء قبل رحيلهم في نهاية كل يوم،
وخطورة الباعة المتجولين تتمثل أيضا في عرضهم لمواد غذائية والسلع
على جنبات الطرق، وفي الأماكن العمومية، التي تؤدي إلا إلى عرقلة
السير بالنسبة للمارة في الشوارع، وتكاثر الازدحام والفوضى، مما
يتسبب في حوادث السير واختناق حركة السير والجولان، ناهيك عن
استغلال الملك العمومي من طرف الباعة المتجولين، يعمل على تشويه
المنظر العام لرونق وجمالية المدينة، ويحدث بها اختلالات على مستوى
النظام والأمن، ويهدد الصحة العامة للمواطنين العامة الذين يقتنون موادا
غذائية، غير خاضعة للمراقبة الصحية، ولا تحمل مواصفات الجودة
والسلامة، وغالبا ما تتعرض للمكروبات والأتربة والغبار المتناثر، مما
يشكل خطرا حقيقيا على صحة وسلامة المستهلكين.الاان رغم هدا
الوضع المتردي فان بعض السكان يستنكرون تلك الحملات المنظمة ضد
اصحاب الفراشة ، لكون المسؤولين عنها لا يأخذون في الاعتبار الوضع
الاجتماعي لهؤلاء الباعة المكلفين، بإعالة عدد من الأسر والعائلات،
ومنهم من يعيل أيضا حتى الآباء والأمهات، وإن مثل هذه الحملات لن
تؤدي إلا إلى المزيد من البطالة، وتفشي قلة فرص الشغل، مما قد يؤثر
بشكل واضح على المستوى المعيشي والمادي، لفئات عريضة من
المجتمع. وفي الاخيرفمهما كانت اختلافات الرؤى بخصوص
محاربةاصحاب «الفراشة»، ومستغلي الملك العام، ومطاردتهم في
الأزقة والشوارع، وحجز مبيعاتهم من السلع والبضائع، وصناديق من
الخضر والفواكه، وتعريضهم في كثير من الأحيان إلى المحاكمة
القضائية، فإن الواقع يفرض على المسؤولين، العمل على دراسة ظاهرة
الباعة المتجولين من كل جوانبها قبل الإقدام على أية أعمال قد تعرض
هؤلاء الباعة لمشاكل اجتماعية ومادية، كظاهرة يجب التعامل معها
بواقعية وبحكمة، ذلك أن الباعة المتجولين يشكلون قطاعا تجاريا غير
منظم، يستدعي نوعا من الهيكلة والتنظيم والتقنين، فالأمر يتطلب إذن
إدماج هذه الفئات داخل القطاع التجاري المنظم والمهيكل، المتوفر على
الإطار القانوني، الذي يخول لهم ممارسة العمل التجاري، وهذا ما
يفرض على المسؤولين، ضرورة تمكين الباعة المتجولين من محلات
تجارية، يزاولون فيها مهامهم للحصول على دخل شبه قار، في إطار
يسوده القانون والانضباط والاستقرار، والتمكن من ضمان لقمة العيش
للأسر والعائلات، بعيدا عن كل المضايقات والمطاردات، وحتى تتمكن
الدولة من الاستفادة منهم، عن طريق الضرائب التي سيؤدونها للخزينة
العامة.